مركز الاخبار
أعلن معارضون أكراد في الداخل والخارج عن دعمهم لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز الكردي، الذي أتاح للعائلات الحزبية بأن تتحول إلى حيتان كبيرة باحتكار عائدات النفط وتوظيفها للإثراء في الوقت الذي تعيش فيه غالبية المواطنين الأكراد في اقليم كردستان العراق أوضاعا اجتماعية صعبة.
وفي الوقت الذي يدفع فيه الفقر وغياب الوظائف والخدمات الشباب الكردي في اقليم كردستان العراق إلى الهجرة باتجاه أوروبا، فإن فئة محدودة من أبناء السياسيين وعائلة البارزاني المتحالفة معهم تعيش البذخ والرفاهية، وهو ما يزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي.
أصدر نشطاء وكتاب ومثقفون وسياسيون أكراد معارضون لاقتسام السلطة في إقليم كردستان العراق بيانا حثوا فيه على “توظيف الدعم الجماهيري الواسع لتثبيت القرار وتطبيقه بحذافيره ليتسنى للحكومة المقبلة انتزاع ملف النفط والغاز من ٲيدي ميليشيات العوائل الحاكمة في إقليم كردستان العراق نهائياً”.
ويرى مراقبون أكراد أن سكان الإقليم باتوا مقتنعين بأن بقاء قطاع النفط والغاز بأيدي عائلة زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني وورثة الرئيس السابق جلال طالباني والعائلات المحيطة بهما لن يغير من أوضاع الناس شيئا، وعلى العكس فقد تسير الأوضاع إلى ما هو أسوأ خاصة بعد أن نجحت العائلات الحاكمة في التصدي للمظاهرات الاحتجاجية وإسكات المعارضين واستفادت من الدعم الغربي للإقليم في خلافه مع الحكومة المركزية لغايات سياسية.
ويعتقد المراقبون أن إعادة مسؤولية استخراج النفط والغاز إلى الحكومة الاتحادية وتوزيعها على المحافظات بنسب معلومة سيتيحان للمواطنين الأكراد في اقليم كردستان العراق معرفة حجم العائدات التي تذهب إلى الإقليم وسبل صرفها ما يمكّن من مراقبتها بدلا من الوضع الراهن الذي لا يتيح لأحد معرفة تلك الأرقام وأين يتم صرف تلك العائدات.
وتقول تقارير إعلامية إن الإقليم يحصل على ما يقارب 8 مليارات دولار سنويا من عائدات النفط نحو نصفها يذهب إلى الشركات المستخرجة فيما لا يعرف كيف يتم توزيع بقية العائدات ولا أين يتم استثمارها خاصة في غياب أيّ حضور لهذه العائدات على مستوى تطوير واقع الإقليم.
وتشير هذه التقارير إلى فساد كبير في قطاع النفط والغاز في الإقليم، بعضه مدعوم من شركات ودول مستفيدة من غياب الرقابة الحكومية على عمليات الاستخراج والتصدير وأسعار البيع، كاشفة عن أن كل شركة نفط وغاز لا تفلح في إبرام أيّ عقد استثمار في كردستان إلا بعد أن تكون قد منحت عمولات كبيرة للعائلات السياسية المسيطرة سواء في السليمانية أو أربيل.
ويجد الإقليم دعما مباشرا من تركيا لتصدير مئات الآلاف من براميل النفط يومياً عبر ميناء جيهان التركي وسط اتهامات عراقية لأنقرة بأنها تسعى لتوتير علاقة الإقليم مع الحكومة العراقية في بغداد حتى يمكنها الحصول على نفط بأرخص الأسعار، واستغلال حاجة العائلات الحاكمة إلى المال لإبرام اتفاق طويل المدى يجعل من تركيا بوابة لتصدير نفط الإقليم نحو أوروبا.
واختار الرئيس العراقي المنتهية ولايته برهم صالح أن يكون في صفّ المعارضة الكردية بدعوته الخميس إلى احترام القرارات القضائية، وإلى حوار جاد وعاجل بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية لإيجاد آليات عمل تضمن ما قررته المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، والأخذ به وفق الحقوق الدستورية وتطلعات المواطنين في الإقليم وسائر العراقيين.
وأضاف صالح أن على “الفرقاء التحلّي بالمسؤولية لتجاوز الأزمة والحيلولة دون تدهورها وضرورة تشريع قانون النفط والغاز، لأن تردّد القوى السياسية في إقراره لأكثر من عقد من الزمن ساهم في خلق الإشكاليات والأزمات”.
ويقول مراقبون إن موقف برهم صالح الداعم لقرار المحكمة الاتحادية هو دليل قويّ على أن موقف المعارضة منطقي وينطلق من حقائق على الأرض تظهر أن المواطنين الأكراد في حاجة إلى دعم مركزي لدفع العائلات المسيطرة على النفط والغاز من أجل تغيير أسلوب إدارتها للإقليم وتوظيف العائدات في مجالات التنمية وتوفير مواطن العمل وتطوير الخدمات الصحية والتعليم، وهي قطاعات مهملة بالكامل.
وكانت مظاهرات احتجاجية جرت في السنوات الماضية قد كشفت عن حجم القطيعة بين الشارع الكردي وقيادة الإقليم بجزأيه في السليمانية وأربيل، حيث ردد المتظاهرون شعارات من بينها “يسقط اللصوص” و”لتسقط الحكومة الفاسدة”.
ويقول الكاتب السياسي الكردي جوان ديبو في وصف هذه الفوارق “وكأن أبناء وأحفاد المؤسسين والمناضلين القدامى الذين أشعلوا جذوة النضال والثورات في كردستان يقومون الآن عملياً بصرف فواتير نضال آبائهم وأجدادهم ويتقاضون لقاء تلك الأتعاب والجهود المليارات من الدولارات والقصور في الداخل والخارج، بينما لا يجد أغلب الشعب ما يحقق به النزر اليسير من أحلامه ما قبل البدائية”.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، الثلاثاء أمرا يلزم حكومة إقليم كردستان بتسليم كامل النفط المنتج على أراضيه للحكومة الاتحادية. وجاء في قرار المحكمة “إلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان (…) إلى الحكومة الاتحادية المتمثّلة في وزارة النفط الاتحادية”.
كما تضمّن الحكم “إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه”. وأوضح أن هذا الإجراء سيتيح تحديد الحقوق المالية المترتبة بذمة حكومة إقليم كردستان، وأيضا حصة الإقليم في الموازنة العامة الاتحادية السنوية.
herdem-news