الرئيسية / أخر الاخبار / 4 أعوام على احتلال كري سبي وسري كانيه

4 أعوام على احتلال كري سبي وسري كانيه

في الـ9 من تشرين الأول عام 2019، وجهت دولة الاحتلال التركي فوهات مدافعها ودفعت بمرتزقتها وجنودها لمهاجمة مناطق سري كانيه وكري سبي، لتقود بذلك مرحلة جديدة من الفوضى الهدامة داخل الأراضي السورية.

لم تنفك تركيا عن مهاجمة وتهديد مناطق شمال وشرق سوريا، سواء عبر وكلائها على الأراضي السورية أو بنفسها، فبعد انتصار أبناء المنطقة في الحرب ضد داعش المدعوم من تركيا، بدأت بشكل مباشر بشن الحرب ضد قوات سوريا الديمقراطية.

قبل 4 أعوام، هاجمت تركيا منطقتي سري كانيه وكري سبي لتحتل منطقة يصل عرضها 110 كيلو متر وبعمق يصل لـ 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية، في ثالث هجماتها البرية التي نفذتها تركيا، كان الأول بداية من جرابلس وإعزاز والباب في آب عام 2016، ثم عفرين في 2018.

“المنطقة الآمنة” والخدعة التركية!

منذ أن تحولت الأزمة في سوريا إلى حرب كبيرة، سعت تركيا لإقامة ما تسمى بـ “المنطقة الآمنة” على طول حدود سوريا الشمالية، وهي المنطقة نفسها التي تعتبرها تركيا ضمن ما يسمى بـ”الميثاق الملي”، وتدّعي تركيا أحقية تاريخية في امتلاك أراضٍ من شمال سوريا والعراق وأجزاء من اليونان وبلغاريا وأرمينيا منذ حقبة الدولة العثمانية.

 فبعد احتلال الشريط الحدودي من جرابلس وصولاً إلى تثبيت نقاط في إدلب، كان الهدف التركي القادم هو توسيع المناطق التي تحتلها شمال سوريا، لذلك توصلت إلى اتفاق مع واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب والمبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، لإنشاء آلية أمنية في المنطقة الممتدة فيما بين كري سبي/تل أبيض وسري كانيه.

في الـ 7 من آب 2019، أي قبل شهرين من بدء تركيا مهاجمة المنطقة، أعلنت وزارتا الدفاع الأميركية والتركية عن اتفاق أمني مشترك، تقوم بموجبه الدولتان بتسيير دوريات مشتركة برية وجوية في سماء المنطقة التي ستنسحب منها قوات سوريا الديمقراطية وتدمر تحصيناتها الموجودة، وبالفعل جرى تسيير أولى دورياتهما المشتركة في المناطق الحدودية في الـ8 من أيلول.

وبحلول 21 أيلول، قام الجانبان بتسيير 3 دوريات، فيما نفذت قسد 3 عمليات انسحاب لمجموعاتها وردم التحصينات.

في غضون ذلك، عرض الرئيس التركي أردوغان، على الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال أعمال الدورة الـ 74 خارطة للخطة التركية الساعية لإقامة ما تسمى بـ “المنطقة الآمنة” شمال سوريا، مدعين أن إنجاز هذه الهجوم قد يتيح إعادة مليوني سوري لوطنهم.

ووضع أردوغان في خريطته المنطقة الممتدة على كامل الحدود التركية بعمق يزيد عن 30 كيلو متراً، وهي المنطقة المعروفة بالكثافة السكانية للكرد، ما يظهر حقيقة النوايا التركية، لاسيما أن الهدف هو غرباء في المنطقة، في خطوة لإحداث تغيير في التركيبة السكانية بشكلٍ كامل في المنطقة.

لكن الأمور بدأت تأخذ منحىً آخر بعد انسحاب قوات التحالف الدولي من المنطقة في الـ 7 من تشرين الأول، وبعد ذلك بيومين، أطلقت تركيا هجوماً احتلالياً ضد مناطق سريه كانيه وكري سبي، متجاهلة اتفاق الآلية الأمنية.

حربٌ ضد السلام!

انطلق الهجوم التركي في حدود الساعة الـ 16.00 من يوم 9 تشرين الأول عام 2019، بتمهيد مدفعي وجوي، تبعه هجوم بري تصدى له مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية التي عادت للدفاع عن المنطقة. بعد عدة أيام احتلت تركيا مدينة كري سبي، فيما استمرت معارك قوية في مدينة سريه كانيه.

نتيجة القصف العشوائي والهجمات الهمجية التركية اضطر عشرات الألوف من سكان سري كانيه وكري سبي مغادرة منازلهم، حيث هجر أكثر من 300 ألف شخص من سكان المنطقة صوب مناطق الإدارة الذاتية الآمنة.

وقد رافق هجمات دولة الاحتلال التركي على المنطقة جرائم بالجملة، أبرزها قصف مدينة سريه كانيه بالفوسفور الأبيض، واغتيال الأمين العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف في 12 تشرين الأول 2019، وهجرة الغالبية العظمى من سكان المنطقة ولاسيما الكرد. وارتكاب مجزرة في سري كانيه في 13 تشرين الأول راح ضحيتها 11 مدنياً وصحفيين من بينهم مراسل وكالتنا سعد أحمد.

في 17 تشرين الأول 2019، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب آنذاك الاتفاق مع الرئيس التركي لعملية وقف إطلاق النار، إلا أنها كانت صورية. وفي 22 من تشرين الأول، توصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي أردوغان إلى اتفاق في سوتشي ينص على وقف إطلاق النار مع انسحاب قسد من المناطق الحدودية مع تركيا حتى عمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية، وانتشار قوات حرس الحدود التابعين لحكومة دمشق في المواقع الحدودية والقيام بتسيير دوريات روسية وتركية في المناطق الحدودية بعمق لا يزيد عن 10 كيلو متر ما عدا المدن.

ورغم ذلك، واصلت تركيا شن الهجمات على المنطقة انطلاقاً من القواعد التي أقامتها في مناطق الاحتلال التي أصبحت فيما بعد بؤرة لانعدام الاستقرار والأمان في المنطقة.

مناطقٌ غير آمنة!

اليوم، وبعد مضيّ 4 أعوام على احتلالها، باتت السمة الوحيدة التي تتحلى بها المنطقة هي الفوضى، فقد أطلقت تركيا عشرات الفصائل المسلحة المرتزقة للانتشار في كل مكان، حيث يقوم هؤلاء بين الحين والآخر بالاقتتال فيما بينهم متنازعين على النفوذ والمكاسب المادية.

كما أقدمت تركيا على تنفيذ تطهير عرقي بحق الكرد في المنطقة، من خلال إجبار السكان الأصليين على الهجرة واعتقال من تبقّى منهم. هذا إلى جانب فوضى انتشار السلاح وجرائم القتل اليومية وفرض حكم الاحتلال بقوة السلاح، وانتشار عناصر سابقين من مرتزقة داعش تحت غطاء تركي، ويجري اتخاذ المنطقة كقاعدة انطلاق لشن الهجمات على مناطق الإدارة الذاتية.

هذه الوقائع التي حدثت على الأرض أوضحت زيف الادعاءات التركية حول المناطق المحتلة، وكشفت حقيقة النموذج الذي تسعى تركيا لتطبيقه في سوريا، فيما لا تزال التهديدات باحتلال مناطق جديدة مستمرة والهجمات التركية ضد المنطقة في وتيرة متصاعدة منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.

شاهد أيضاً

أتفاق تركي إيراني لنقل المرتزقة السوريين إلى ديرالزور

بينما تواصل روسيا التأكيد على ضرورة إصلاح وإعادة العلاقات بين تركيا والنظام السوري سياسيا تأخذ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.