في آخر فصول الصراع المخفي ضمن أجنحة العائلة الحاكمة في سوريا، بدأت اجراءات لحل فرع اللاذقية من “الحزب السوري القومي الاجتماعي-الأمانة” التابع لابن خال الرئيس رامي مخلوف، وكذلك حلّ إدارة “جمعية البستان الخيرية” في اللاذقية، وتعيين إدارة جديدة فيها موالية لزوجة الرئيس أسماء الأخرس.
وتواصل المخابرات السورية الضغط على مدراء ومسؤولي “جمعية البستان الخيرية” في اللاذقية، لترك مناصبهم، وتسليمها لهيئة جديدة بإدارة مسؤول ضريح حافظ الأسد في القرداحة.
في حين تم تشكيل الهيكل الإداري الجديد للجمعية من موظفين إداريين سبق وعملوا في مؤسسات تابعة لزوجة الرئيس أسماء الأسد، في قطاعات التنمية والتمكين المهني والأعمال الخيرية.
وسلّمت “جمعية البستان” قائمة بأسماء المئات من الحاصلين على بطاقات أمنية من خلالها، تعطي لحامليها “صلاحيات” أمنية ومرورية وتجارية. الجمعية لم تلتزم سابقاً بأمر أمني صدر مطلع العام 2019، بسحب الرخص والبطاقات الأمنية من المدنيين غير المنظمين في الأجهزة الأمنية. فيما قالت مصادر ضمن الجمعية أن الإدارة القديمة لفرع اللاذقية متهمة بعمليات “تهريب وسرقة مواد إغاثية”.
وتحلُ “جمعية البستان الخيرية” لصاحبها رامي مخلوف، في المرتبة الثانية بعد الجمعيات التابعة لأسماء الأسد. جمعيات أسماء ما زالت منيعة على التدقيق والملاحقة، رغم أن ارتكابات الفساد، إذا سلمنا بأنها السبب وراء الملاحقة، تكاد تتساوى لدى الطرفين.
في فرع اللاذقية، تمّ حلُّ مليشيا البستان العسكرية التابعة للجمعية، واستدعي جميع أعضائها لتسليم سلاحهم لفرع “الأمن العسكري”. مصادر أشارت إلى أنه وحتى اليوم، لم يتم تسليم سوى ثلث السلاح العائد للجمعية، خاصة أن قواتها تختلط مع قوات مليشيا عسكرية أخرى تابعة لجناح آل مخلوف من “الحزب السوري القومي الاجتماعي”.
وقد دخل “الحزب السوري القومي الاجتماعي” إلى سوريا، فعلياً في العام 2005، قادماً من لبنان، ودخل بعدها في “الجبهة الوطنية التقدمية”. وشارك الحزب منذ بداية الثورة إلى جانب قوات النظام في قمعها. وسرعان ما تشكلت بعد ذلك، مليشيا مسلحة باسم “نسور الزوبعة” تابعة للحزب، وقاتلت المعارضة، وانتشرت خاصة في الساحل وحمص ودمشق والسويداء.
في العام 2012 صدر “قانون التعددية الحزبية” في سوريا، يمنع ترخيص أي حزب قيادته خارج حدود الجمهورية، ويمنع ايضاً أن يكون لأي حزب سياسي فصائل مقاتلة. وانقسم الحزب حينها إلى جناحين؛ جناح رفض الحصول على الترخيص يعرف باسم “المركز”، وبقيت قيادته في لبنان، في حين انشق جناح عن الحزب ورخّص لنفسه في سوريا تحت اسم “الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية”، وعُرِفَ بـ”الأمانة” بقيادة عصام المحايري، ولم يكن حينها لـ”الأمانة” فصيل مقاتل.
في العام 2017 حصل “المركز” على الترخيص تحت اسم “الحزب السوري القومي الاجتماعي-المركز”، واحتفظ بمليشيا “نسور الزوبعة”، متجاوزاً قانون “التعددية الحزبية”. الترخيص لم يعنِ الكثير لـ”المركز”، إذ واصل العمل ما بين 2012-2017، بكل أريحية في سوريا، وقاتلت مليشيات “نسور الزوبعة” التابعة له إلى جانب قوات النظام.
فعلياً، تشير المصادر إلى وقوف رامي مخلوف وراء الانشقاق الذي ضرب “الحزب السوري القومي الاجتماعي” في سوريا، مستعملاً قانون “التعددية الحزبية”. وارتبط عمل “جمعية البستان الخيرية”، والمليشيا المسلحة التابعة لها، منذ ذلك الوقت، بمليشيا الحزب السوري “الأمانة”.
مسؤول أمني في “الحزب السوري/المركز”، قال لـ”المدن”: “استطاع مخلوف سحب ثلث قيادتنا الشبابية، ودفع رواتب ضخمة، وضم حوالي 2000 شاب من ذوي الشهداء في أشهر قليلة. وأسس لنشاطاتٍ اجتماعية وترفيهية لم يقم بها أي حزب في سوريا في كل تاريخها الحديث”.
إيقاف فرع مخلوف من “الحزب السوري القومي-الأمانة” المكنى بـ”حزب رامي” في الساحل، قيل إنه جاء بقرار من “لجنة الأحزاب” في مجلس الشعب، بعدما “زيّف شعار الحزب السوري القومي الاجتماعي، واستخدم اسم حزب موجود ومسجل مسبقاً”، بحسب ما قاله مسؤول رفيع في “حزب البعث”
المضحك، إن صح كلام المسؤول البعثي، فإن “لجنة الأحزاب” اكتشفت فجأة الوضع الشاذ والاستثنائي للحزب السوري القومي، بعد سنين من انشقاقه. ويؤكد ذلك، أن ما يحدث ليس إلا انتقاماً يخوضه النظام بطريقته لتحجيم آل مخلوف. إذ لم يُعتقل أي عضو من الحزب القومي جناح رامي، بل اكتفت الأجهزة الأمنية بإغلاق المقرات وإرسال توجيه لمنتسبي حزب رامي بالتوجه للانضمام للحزب السوري القومي الاجتماعي “المركز”.
ويسود جو من الانتصار والفرح في اللاذقية بين كوادر “المركز” مع إغلاق جناح رامي “الأمانة”. فيما اشارت مصادر أخرى إلى أن “المركز” في اللاذقية، سيرفض الطلبات المقدمة من أعضاء “الأمانة”، “لأن مخلوف كان قد اشتراهم”، بحسب ما قال أحد قادة الحزب.
وكالات …