تقود التحركات غير المدروسة للرئيس التركي أردوغان وسعيه لفرض رؤيته على المنطقة متجاهلا التوازنات الدولية في اتجاه خسارته للولايات المتحدة وروسيا، ما سيعمق مشاكله في عدة ملفات وخاصة الملفين السوري والليبي.
وبالتزامن مع التوتر التركي الروسي المتصاعد على وقع تقدم الجيش السوري في إدلب، تسربت أنباء بشأن إيقاف الولايات المتحدة برنامجا سريا للتعاون في مجال المخابرات العسكرية مع تركيا بسبب سوريا.
وقال أربعة مسؤولين أميركيين لرويترز إن الولايات المتحدة أوقفت برنامجا سريا للتعاون في مجال المخابرات العسكرية مع تركيا بعد أن ساعد أنقرة لسنوات على استهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
وأضاف المسؤولون إن القرار الأميركي بتعليق البرنامج إلى أجل غير مسمى اتُّخذ ردا على توغل تركيا العسكري عبر الحدود في سوريا في أكتوبر، مما يكشف عن حجم الضرر الذي لحق بالعلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي بسبب هذا التوغل.
ويختبر وقف المساعدة الأميركية حدود القدرات العسكرية والمخابراتية لتركيا في وقت تنتشر فيه قواتها بالفعل على عدة جبهات في شمال سوريا وفي حين تدرس أنقرة زيادة تدخلها في ليبيا.
وكان وزير الخزانة الأميركي ستيف منوتشين أعلن أن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز الضغوط الاقتصادية على أنقرة في حال لم توافق القوات التركية على وقف هجومها في شمال سوريا.
وبالإضافة إلى مشكلة توغل تركيا في شمال شرق سوريا، هناك مسألة حصول تركيا على منظومة الصواريخ الروسية أس 400، والتي ترفضها واشنطن، وأبعدت على إثرها تركيا من برنامج مقاتلات أف – 35.
وكانت تركيا بدأت اختبار منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، وفق وسائل إعلام محلية، رغم تحذيرات الولايات المتحدة المتكررة من أن ذلك قد يؤدي إلى عقوبات.
وتكشف التطورات الأخيرة في مدينة إدلب عن أزمة متصاعدة في العلاقات بين “حليفي الضرورة” في عدة ملفات، ما ينذر بتراجع العلاقات في مجالات الطاقة والاقتصاد.
وعملت أنقرة خلال السنوات الماضية على أن تكون مدينة إدلب امتدادا طبيعيا لتحركاتها في الشمال السوري، من خلال تحويلها إلى مجمع للفصائل المعارضة للنظام السوري.
وتكبدت تركيا خسائر في قواتها العسكرية لم تكن تتوقعها، ويقول مراقبون إن الجيش السوري لم يكن ليقصف القوات التركية لولا وجود ضوء أخضر روسي. ونجح الجيش السوري في استعادة عدة مناطق استراتيجية في إدلب كان آخرها معرة النعمان، وهو يضع أحلام أردوغان في إدامة الوضع الحالي في مهب الريح.
ولم يجد أردوغان من حل لمواجهة هذا المأزق سوى إطلاق التحذيرات بإمكانية استهداف نقاط المراقبة التركية في إدلب، مطالبا قوات النظام السوري بالانسحاب من محيطها، وذلك بالموازاة مع مطالبته روسيا بتفهّم حساسيات بلاده في سوريا بشكل أفضل.