الرئيسية / أخر الاخبار / في مئوية لوزان.. مشاريع المحتلين

في مئوية لوزان.. مشاريع المحتلين

تحنّ تركيا للعودة إلى الماضي وإيقاظ أحلامها الدفينة، وتتطلع بعد عام 2023 إلى لوزان ثانية تكون فيها مهيمنة على المنطقة الاقتصادية المتكاملة، أعلن أردوغان عن نواياه، وقال: “الموصل وكركوك وحلب أراضٍ تركية”، فهل سنشهد لوزان ثانية؟

انهالت المصائب بالجملة على الشعب الكردي مع وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها، حيث تقاطعت مصالح القوى لنهب وسرقة وتجزئة كردستان، من اتفاقية سايكس بيكو 1916، إلى المعاهدة التي وُقُعت 1920 في مدينة سيفر الفرنسية، وصولاً إلى اتفاقية القاهرة 1921، وانتهاء بمعاهدة لوزان 1923.

ضاعت جغرافية كردستان التي تبلغ مساحتها 550 ألف كم2، ويتجاوز عدد سكانها 40 مليون نسمة، بين مخالب (تركيا، وسوريا، والعراق، وإيران) في اتفاقات مجحفة، هُمّشت فيها حقوق الشعب الكردي.

أفضت الاجتماعات بين بريطانيا وفرنسا وروسيا لتجزئة الشرق الأوسط إلى دويلات، ووضعت خططاً وترتيبات لـ 100 عام، لتطوير اتفاقية سايكس بيكو 1916 وتقسيم كردستان إلى 4 أجزاء، بعد أن قُسّمت إلى جزأين في معاهدة قصر شيرين 1639 بين العثمانيين والصفويين لأول مرة.

لم يفِ كمال أتاتورك بوعوده بمنح حكم ذاتي للكرد بعد مشاركتهم في حرب الاستقلال 1919، وتلقوا بذلك فأساً على الرأس.

في أعقاب ذلك، وُقّعت معاهدة أنقرة 1921، ومنحت فرنسا بموجبها، مناطق مثل؛ جزيرة بوطان ونصيبين وميردين وأورفا وملاطية وعنتاب وآمد وإسكندرون التي كانت تحت انتدابها لتركيا، وهذا ما سبّب محنة للكرد. حيث تم فصل غرب وشمال كردستان عن الوطن الأم.

أُبرمت هذه الاتفاقية مقابل إنهاء الصراع بين الطرفين، وبموجبها تم إلغاء معاهدة سيفر 1920 التي نصت على حق الكرد في إقامة حكم ذاتي، لترسخ اتفاقية القاهرة 1921 خطوات عملية، وتم إلغاء الحكم الذاتي.

لتأتي معاهدة لوزان في 24 تموز 1923، وتدق آخر مسمار في نعش القضية الكردية، إذ شيّدت الحدود التركية المصطنعة في 29 تشرين الأول، وتسابقت بريطانيا قبل الجميع في الاعتراف بها، بعد رضوخ أتاتورك لمطالب بريطانيا في التنازل عن كركوك والموصل.

ورُسمت الحدود بين تركيا والعراق، بعدما أُبرمت اتفاقية الموصل 1926، وأبقت بريطانيا مناطق كركوك والموصل تحت سيطرتها، وفصلت بذلك جنوب وشمال كردستان عن الوطن الأم، وتعهد الجانبان بأن الحدود نهائية ولا يمكن تغييرها.

ووقّعت إيران والعراق عام 1937 أول معاهدة لترسيم الحدود، في قصر سعد آباد بالعاصمة الإيرانية طهران، حيث كان البريطانيون قد خططوا للحدود العراقية عام 1911 أثناء انتدابها.

مارست بريطانيا وفرنسا سياسة الشد والجذب ضد الكرد، في تأليبهم واستثمارهم لدفع الجهات المسيطرة إلى تقديم تنازلات، قامت بريطانيا بإنهاء ثورة الشيخ محمود البرزنجي وبذلك دخل الكرد في نفق مظلم، حيث وُضع قرار إبادتهم حيز التنفيذ.

حول كل من (تركيا، وسوريا، والعراق، وإيران) الاستهزاء بالكرد كثيراً، والسعي لصهر ثقافهم، والاستخفاف بهم والتقليل من شأنهم، من خلال نشر عبارات “كم أنا سعيد كوني تركياً”.

لم تقف خلافات هذه الدول عائقاً أمام عداء الكرد، إذ شكّلوا آليات ثلاثية ورباعية، وتبادلوا المعلومات الأمنية والاستخباراتية.

في عام 1963، زُجّ بلواء اليرموك التابع للجيش السوري في معارك حزب البعث العراقي لقمع الكرد في باشور كردستان.

وعقد اتفاق مماثل بين تركيا والعراق عام 1982، للقضاء على حركة حرية كردستان، وبموجب هذه الاتفاقية سمح العراق لتركيا بالدخول إلى أراضيه بعمق 5 كم.

تطور الغزو التركي للعراق، بعد تداعيات الحروب الكارثية التي شهدتها، والمرتبطة بالهجوم على دولة الكويت عام 1990، وحرب الخليج الثانية عام 1991، وبعد الإطاحة بنظام صدام حسين، ووقوع العراق تحت وطأة الإرادات الدولية، عززت تركيا من حضورها.

تذرعت تركيا بـ (الإرهاب) لاحتلال باشور (جنوب كردستان)، وتثبيت مقراتها وأوكارها الاستخباراتية، وقواعدها العسكرية اليوم تفوق 40 قاعدة.

ضعف الحكومة المركزية في العراق، جعل تركيا الطامعة تتمادى أكثر، ولم تعد تكتفي بمسافة الـ 5 كم، إذ دخلت اليوم عمق 150 كم داخل الأراضي العراقية.

وتعلنها تركيا صراحة، ومع الوقت افصحت عن مطامعها، ادعى أردوغان 2016 أن الموصل وكركوك وحلب السورية هي مدن تركيا في الأصل، ولا بد من ضمها إلى الأراضي التركية.

وتروّج وسائل الإعلام التركية لخرائط الميثاق الملّي، التي تظهر فيها مدن سورية وعراقية وأخرى يونانية ضمن حدود الدولة التركية، إلى جانب دعوات المسؤولين بين الحين والآخر بتعديل معاهدة لوزان.

يدفع أردوغان إلى إيقاظ أحلام الماضي الدفين، مستغلاً الأوضاع الهشة والمضطربة ميدانياً في سوريا والعراق.

ولتترجم ذلك على الأرض، دأبت تركيا إلى دعم (PDK)، التي أصبحت أداة ضد الكرد.

وفي حين يسعى الكرد إلى ترتيب بيتهم ولم شملهم، وتشكيل مرجعية سياسية قادرة أن تقود المرحلة سياسياً وعسكرياً، كي لا يصطدموا بجدار لوزان ثانية، يشرعن (PDK) الوجود التركي على أراضي باشور (جنوب كردستان)، ويقاتل إلى جانب جلاديه ضد حركة حرية كردستان، وعمّق من خلافاته مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

لا يولي (PDK) أي أهمية لخطورة المرحلة وتداعياتها، ولا يأبه بالغايات التركية في رسم خرائط جديدة على حساب الكرد.

تتطلع تركيا بعد عام 2023 أن تكون مهيمنة على المنطقة الاقتصادية الخالصة والمياه الإقليمية المجاورة، لا سيما البحر المتوسط والأسود وبحر إيجه، ما يسمح لها باستخدام كل الموارد البحرية بحرّية.

شاهد أيضاً

الخارجية الأميركية تؤكد ارتكاب مرتزقة الاحتلال التركي جرائم حرب

أكد تقرير الخارجية الأميركية أن مرتزقة “الجيش الوطني السوري” واصلوا ارتكاب أعمال النهب التي قد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.