مركز الاخبار
جدل في أوساط ما تسمى المعارضة السورية وفصائله المسلحة، بعد قمة طهران، واستياء “الفصائل المسلحة” والمواطنون في الشمال السوري، من تبريرات تركيا التي وصفوها بغير المقنعة.
ساد جدل واسع في أوساط “المعارضة” في شمال غرب وشمال شرق سوريا (المناطق المحتلة)، منذ أن أطلق وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قبل عدة أيام، تصريحات “لافتة” هي الأولى من نوعها بخصوص علاقة بلاده مع النظام السوري، الأمر الذي أثار جدلا وتساؤلات عن الأسباب التي تقف وراء هذه “النبرة الجديدة”، وما إذا كانت ستفرض مشهدا مغايرا للعلاقة بين أنقرة ودمشق، خلافا لما كانت عليها السنوات الماضية.
زعم الوزير التركي أن بلاده أجرت سابقا محادثات مع إيران بخصوص إخراج ما وصفه “بالإرهابيين” من المنطقة، مضيفا: “سنقدم كل أنواع الدعم السياسي لعمل النظام (السوري) في هذا الصدد”.
وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها هكذا نوع من التصريحات السياسية من جانب أنقرة حيال العلاقة مع النظام السوري، حيث اقتصر الإعلان في السابق عن وجود اتصالات أمنية واستخباراتية فقط، بعيدا عن أي تواصل سياسي أو نية لفتح قنوات اتصال.
ويرى مراقبون ان تصريحات جاويش أوغلو، تأتي بعد أسبوع من القمة الثلاثية في طهران، والتي جمعت رؤساء تركيا وروسيا وإيران، وفي هذه القمة بدا لافتا الزيارة التي أجراها وزير خارجية نظام الأسد، فيصل المقداد، ولقائه نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، فطرحت تساؤلات عدة حول أسباب الموقف التركي الجديد”.
ولاقت تصريحات وزير الخارجية التركي انتقاداً كبيراً من السوريين المتواجدون في المناطق التي تديرها تركيا في الشمال السوري المحتل، كونها جاءت من دولة لطالما اعتبروها حليفاً لهم وهم موالين لها.
وتعبيراً عن خيبة الأمل هذه، دعا ما يسمى المجلس الإسلامي السوريّ المشكل من قبل تركيا في الشمال السوري المحتل المشايخ من الخطباء والوعّاظ والمفتين أن يكون محور خطبهم يوم الجمعة حول إرهاب النظام السوري، استنكاراً وردا على تصريحات الوزير التركي “أوغلو”.
والمجلس يصنف على أنه “داعم للقرارات التركية” كونه يتخذ من مدينة إسطنبول التركية مقرّاً له.
وفي السياق، تظاهر عشرات المدنيين في مدينة عفرين المحتلة بريف حلب، شمال غربي سوريا، أمس الجمعة، تحت عنوان “لا إرهاب يفوق إرهاب الأسد”، رداً على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأخيرة، بخصوص استعداد تركيا لدعم النظام السوري ضد “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وفتح صفحات جديدة مع النظام.
ورفع المتظاهرون الذين تجمّعوا بعد صلاة الجمعة لافتات كتبت عليها عبارات من مثل “إذا كان قرار تحرير سورية ليس بيد الضامن – في إشارة إلى تركيا – فإذاً ليترك لنا القرار”.
كما أرسلوا رسالة للحكومة التركية، قالوا فيها إنّ “الوجود التركي مستمد من ثورة الشعب السوري، وأي تغيير في الأهداف، يسقط هذه الشرعية”. بحسب مصادر إعلامية معارضة.
معالم الصفقة تتكشف: تركيا تضحي بمرتزقتها في سوريا مقابل مصالحها الخاصة حتى ولو كان مع النظام السوري!
على غرار ما حدث في درعا والغوطة وحمص وآخرها حلب قبل عدة سنوات، عندما أعطت تركيا أوامرها للفصائل المسلحة بالانسحاب تدريجيًا، للتمهيد لدخول قوات النظام السوري، بدأت معالم صفقة أخرى تتضح في سوريا، تقوم فيها تركيا بتسليم إدلب ومناطق أخرى للنظام السوري، مقابل استهداف مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
وتشير المصادر المطلعة أن الصفقة الحالية تمت أثناء حضور أردوغان لقمة طهران واجتماعه مع الرئيسين الروسي والايراني، في عدة صياغات، الاولى: أن هذه الصفقة جاءت استكمالًا للصفقة الكبرى، التي تم بموجبها تطبيع تركيا الكامل مع النظام السوري بضمانة روسية إيرانية.
وثانيهما: خروج المسلحين المتشددين من مناطق تحت سيطرة الاتراك، حيث هناك عدة أماكن للذهاب إليها، الآلاف منهم إلى قطر لحراسة الملاعب “مونديال كأس العالم” ومن ثم قسم منهم يتحضر الآن للذهاب إلى اليمن والمتبقي استكمالاً إلى ليبيا وإقليم كردستان العراق لمجابهة المقاتلين الاكراد المعارضين لسياسات الحكومة التركية.
وثالثهما: اوعظت كل من قطر، السعودية، الإمارات الاتراك عن انتهاء دعمهم لتلك الفصائل المسلحة التابعة لها.
ورابعهما: فشل الجهود الأممية لإيجاد حل سياسي سواء في جنيف أو استانا أو سوتشي، في ظل إصرار الأطراف على مواقفهم، رجّح كفة عودة أغلب مناطق المعارضة للنظام السوري، كون نتائج العديد من التفاهمات تميل لصالحه، نتيجة الحسم العسكري، في ظل تراجع حلفاء المعارضة عن الدعم.
وأخيراُ الضربات الأمريكية المستمرة لقواعد وقيادات تنظيم داعش في مناطق الشمال السوري المحتل التي تسيطر عليها تركيا، يعتبر مؤشر لرغبتها في إنهاء نفوذ الجماعات الإسلامية ومؤيديها في تلك المنطقة.
ويؤكد المراقبون ان المصلحة المشتركة بين الدول “الضامنة” تقتضي بإخراج الأمريكيين من سوريا، فالمحادثات تهدف لاستبعاد الغرب من المعادلة السورية. ويبدو أن مصالح تركيا والولايات المتحدة لن تتقارب في ظل استمرار دعم الأخيرة لحلفائها من الكرد وعدم الانصياع للرغبات التركية حول المنطقة الآمنة، فلم تجد تركيا أي خيار سوى الانخراط دبلوماسياً مع روسيا وإيران والنظام السوري، وإقصاء المعارضة وفصائله المسلحة الموالية لها من آخر معاقله عبر هذه التفاهمات.
وبعد خراب البصرة … يتهم ما يسمى المعارضة السورية الموالية لتركيا بأنها “باعتهم”، من أجل مصالحها مع روسيا وإيران على الأرض السورية، وبعد اربعمائة عام من الحكم العثماني لم يتعلم السوريين المغرر بهم، ان الاتراك حين ينتهي مصالحهم يتم قذف الخائن لوطنه كورقة منديل الى سلة مهملات. وما جني المعارضة من الاتراك انهم جاؤوا بمحتل الى اراضيهم واحتلت مناطقهم وتم تتريكها وتفسخ العقد الاجتماعي في تلك المناطق وانتشرت حالات القتل والسرقات والتمييز العنصري المناطقي ناهيك عن التفسخ الاخلاقي بين الطبقات الشابة لتلك المناطق المحتلة من خلال ترويج المخدرات.
ويشار بأن ما سبق هو غيض من فيض ما قدمته المعارضات السورية السياسية والمسلحة، خاصة المحسوبة على تركيا وقطر. لسوء الحظ، وبعد انقضاء أكثر من عقد من الزمان على نشوب النزاع الداخلي السوري، ومئات الآلاف من القتلى والملايين من النازحين والمهجّرين داخليا وخارجيا، وبعد أن تحولت العشرات من المدن والبلدات والقرى السورية إلى أنقاض وركام، لا يلوح في الأفق سوى خيارين أمام السوريين. الخيار السيء ويمثله نظام الأسد الذي باع سوريا لروسيا وإيران مقابل بقائه في السلطة، والخيار الأسوأ المتمثل في المعارضة الإخوانية المهيمنة التي تنفذ الأجندات التركية والقطرية في سوريا.
herdem-news