الرئيسية / أخبار عاجلة / أردوغان يحطم أحلام الموظفين من جديد، لا زيادة قبل انتخابات 2023

أردوغان يحطم أحلام الموظفين من جديد، لا زيادة قبل انتخابات 2023

كانت اللائحة القانونية الإضافية الخاصة بتحسين ظروف الموظفين الذين أتمّوا 3600 يوم عمل، من الوعود الكبيرة التي قطعتها حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان قبل انتخابات 2018 البرلمانية والرئاسية. لكن المشرفين على اللائحة زعموا أنهم لم يستطيعوا الانتهاء من إعدادها قبل الانتخابات، مُتعهدين بإحالتها إلى البرلمان للموافقة عليها في أول جلسة للجمعية العامة.
ورغم أن الحكومة قد مررت من البرلمان العديد من حزم التعديلات واحدة تلو أخرى في غضون 9 أشهر مضت، إلا أن أيّا منها لم يتضمن تلك اللائحة، مما دفع الموظفين والمتقاعدين إلى عقد آمالهم على الانتخابات البلدية في 31 مارس الجاري. حيث كان من المتوقع أن تبادر الحكومة إلى تشريع تلك اللائحة قبل هذه الانتخابات سعيًا لجلب أصوات الناخبين.
كانت هذه اللائحة ضمن خطة عمل لوزارة التعليم في عام 2019، إلا أنّ المدة المقررة للتنفيذ قد انتهت في 23 مارس الحالي دون ترجمة هذا الوعد في أرض الواقع، ليتم الإعلان عن تأجيل تشريع تلك اللائحة بعد الانتخابات البلدية.
وإذا لم يتم تشريع هذه اللائحة قبل هذه الانتخابات الخطيرة للغاية، فهل يمكن تشريعها بعدها يا ترى؟
تكشف المعطيات أن كل اللوائح المهمة الخاصة بالموظفين والعاملين تم تشريعها قبل الانتخابات وليس بعدها، ولا نعرف أي استثناء من ذلك. فآخر مثال على ذلك هو منح التوظيف النظامي للعاملين المتعاقدين. فقد وافق البرلمان في ليلة واحدة على مرسوم رقم 696، وانتقل بموجبه 900 ألف عامل متعاقد إلى التوظيف النظامي في 24 ديسمبر 2017. وبعد وقت قصير من هذه الخطوة، أعلنت الحكومة عزمها على إجراء انتخابات مبكرة في 24 يونيو 2018.
وإذا ألقينا نظرة على 17 سنة من حكم أردوغان في تركيا، فإننا سنجد كثيرًا من الخطوات المماثلة لذلك. فقد كان منح التوظيف النظامي لـ250 ألف عامل بالتعاقد من أهمّ الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة قبيل انتخابات 2007 أيضًا. وقد أقدمت على الخطوة ذاتها قبيل انتخابات يونيو من عام 2011، حيث قررت نقل 200 ألف موظف بالتعاقد إلى التوظيف النظامي. كما نقلت 80 ألف متعاقد إلى التوظيف النظامي قبيل انتخابات مارس 2014. وكذلك رأينا أن الحكومة توجهت إلى فرض زيادة بمقدار نقطتين أو ثلاث نقط على رواتب الموظفين والعاملين في الاتفاقات الجماعية التي عقدت قبيل الانتخابات.
هذه المعطيات تشير بوضوح إلى أن الحكومة بادرت إلى تنفيذ اللوائح المتعلقة بملايين الموظفين، مع أزواجهم وأطفالهم، قبل الانتخابات دائمًا. ومن المفهوم أن يتصرف الحزب الحاكم في هذا الصدد انطلاقا من الأهداف الانتخابية.
من ناحية أخرى، نجد أن الحكومة قد استخدمت جميع أوراقها قبل انتخابات 31 مارس. حيث فرضت زيادة بمقدار 635 ليرة على رواتب عمال البلدية في إسطنبول قبل عدة أيام من بدء ماراثون الانتخابات المحلية. فقد أعلن مرشح الحزب الحاكم لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بن علي يلدريم زيادة على أجور العمال المتعاقدين اعتبارا من بداية الشهر الحالي. وبعد هذا التصريح، بعث رئيس بلدية إسطنبول الحالي مولود أويسال برسالة إلى البلديات التابعة للحزب الحاكم في المدينة، مطالبا بتنفيذ هذه الزيادة على مستوى إسطنبول.
تقتضي تلك المعطيات التي قدمناها أعلاه أن تكون اللائحة الخاصة بتحسين ظروف الموظفين والعاملين قد نفذت قبل الانتخابات. وكان بالإمكان إدراجها ضمن حزمة التعديلات أو المراسيم التي تم تمريرها من البرلمان قبل الانتخابات، إلا أن ذلك لم يحدث.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها، فإن هناك سببين مهمين يقفان وراء وضْع هذه اللائحة على الرفّ قبل الانتخابات المحلية. السبب الأول يتعلق بشمول تلك اللائحة. ذلك أن كلا من نقابة الموظفين القريبة من السلطة، ونقابة عمال القطاع العام القريبة من حليفها حزب الحركة القومية، تطالبان بتشميل تلك اللائحة على كل الموظفين، بينما تخطط الحكومة لتقتصر على أربع مجموعة مهنية فقط. لذا فإن إصرار النقابات على هذا الشمول حال دون نقل تلك اللائحة إلى ساحة الفعل قبل الانتخابات.
أما السبب الثاني والرئيس هو التكلفة الاقتصادية لهذه اللائحة. حيث تشهد الميزانية المخصصة لدفع الرواتب ارتفاعًا مستمرًا. فوفقًا لرئاسة استراتيجية وميزانية الموظفين، بلغت مصاريف الموظفين 200.8 مليار ليرة بحلول نهاية عام 2018، بعدما كان هذا الرقم 162.1 مليار ليرة في عام 2017. أي أنّ هناك زيادة بمقدار 38 مليار ليرة في سنة واحدة. وفي الفترة من يناير إلى فبراير 2019، بلغ إنفاق الموظفين 44 مليار ليرة، بزيادة بلغت نسبتها 31%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الزيادة المقرر فرضها على الرواتب في يوليو، فإن مصاريف الرواتب للحكومة ستصل إلى 300 مليار ليرة بحلول نهاية العام.
أما اللائحة الإضافية المذكورة فهي أهم العوامل المؤثرة على المعاشات ومعاشات التقاعد لموظفي الخدمة المدنية. حيث تقترح هذه التعديلات زيادة بحوالي 500-600 ليرة على راتب المعلم المتقاعد الجديد، فضلا عن زيادة يصل قدرها إلى 20-25 ألف ليرة على مكافآت التقاعد. وكذلك ستزداد رواتب موظفي الخدمة المدنية المتقاعدين أيضا لو تمت الموافقة على التعديلات.
هذه اللائحة التي تتعلق بـ2.5 مليون موظف مدني ومتقاعد في المقام الأول، ستؤثر على عدد أوسع من الموظفين والعاملين بمرور الوقت بحيث سيبلغ متوسط التكلفة السنوية حوالي 15-20 مليار ليرة.
من الواضح أن هذه اللائحة الخاصة بالموظفين ستجلب عبئًا ماليًا كبيرًا على الحكومة في فترة يزداد فيها الإنفاق الحكومي على الرواتب بسرعة متواصلة. ويتبين أن الفريق المسؤول عن الاقتصاد لم يوافق على هذه اللائحة في ظل هذه الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم يومًا بيوم.
واحتمالية الموافقة على هذه اللائحة بعد الانتخابات البلدية ضعيفة للغاية، حيث لو كانت الحكومة قادرة عليها اقتصاديًّا لنفّذتها قبل هذه الانتخابات المصيرية لزيادة تأييدها الشعبي، الأمر الذي يعني أنه يتعين على الموظفين الصبر حتى انتخابات 2023 في أحسن الأحوال.

شاهد أيضاً

الخارجية الأميركية تؤكد ارتكاب مرتزقة الاحتلال التركي جرائم حرب

أكد تقرير الخارجية الأميركية أن مرتزقة “الجيش الوطني السوري” واصلوا ارتكاب أعمال النهب التي قد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.