قـــال عضـــو لجنـــة كتابة الدســـتور وعضـــو هيئـــة التفـــاوض الســـورية، فـــراس الخالـــدي، إن تكثيف تركيـــا للدوريات على الحدود الســـورية لا يهـــدف إلى منـــع ســـقوط البلدات في قبضة النظام الســـوري وإنما يهدف في المقـــام الأول إلـــى ضبـــط وتوجيه حركة نزوح المدنيـــين والفصائل الهاربة أيضا وتوجيههم، فيما يشـــير مراقبون إلى أن أنقرة تسعى إلى مقايضة الجهاديين في إدلب بدور أكبر في المناطق الكردية.
وأضـــاف الخالدي أنـــه “بعد حصر الإرهابيـــين في إدلب تســـعى تركيا الآن إلـــى مقايضتهم بنفوذ أكبـــر في مناطق شـــرق الفرات وتل رفعت التي تهتم بها ً كثيراً.
ويرى عضو هيئة التفاوض السورية أن ”إدلب تحولت إلـــى وديعة بيد تركيا لحين اســـتكمال بنك الأهـــداف التركية، والذي تفشـــل في تحقيقه هدفا تلو آخر نتيجة اســـتراتيجيات خاطئـــة أنتجتها منـــذ البدايـــة… لقـــد مارســـت (تركيـــا) الاســـتثمار بالأزمـــة الســـورية ولا تزال تتشبث بالهدف ذاته في إدلب بالرغم من تقدم قوات النظام كثيرا.
أما في ما يتعلق بموضوع استمرار الثقـــة بالدور التركي، فقـــد قال الخالدي “فـــي مـــا يتعلـــق بالجيـــش الوطنـــي، الأمر محســـوم، فالأخيـــر صنيعة تركية، والمصنـــوع لا يملك من أمره ً شـــيئا أمام صانعه… لقد تحولت عناصر من فصائله إلى مرتزقة يخدمون الأهداف التركية في ليبيـــا بدلا من أن يدافعـــوا عن إدلب مع الأسف… وللأســـف أيضا قدرة من تبقى من شـــرفاء الجيش الحـــر على الصمود ضعيفة جدا”. وعـــن احتمال التحـــرك التركي، ولو فـــي اللحظات الأخيرة، عبـــر إقناع هيئة تحرير الشـــام التي تضم جبهة النصرة، بالخـــروج من إدلب، ورغم تأكيده امتلاك “تركيـــا نفـــوذا قويا داخـــل الهيئة“،دعا الخالـــدي إلـــى ضـــرورة إدراك “طبيعة فصائـــل الإرهـــاب فـــي ســـوريا وكونها متعددة الولاءات، تشـــترك مـــع بعضها البعض فـــي الخطوط العامـــة العريضة وتختلـــف في ما بينهـــا بتفاصيل دقيقة ّتجســـد صراع الـــدول علـــى النفوذ في سوريا“.
وأوضـــح أن “تركيـــا تحتـــاج إلـــى ذريعـــة الإرهـــاب للقضـــاء علـــى ّ عدوها الوحيد (الأكـــراد)، ً إضافـــة إلى محاولة تمـــدد النفوذ فـــي المنطقة، هـــي لا تريد خســـارة ورقة النصـــرة الآن ريثما تتفق مع الولايات المتحدة على مناطق شـــرق الفرات”.
ويشـــير مراقبـــون إلـــى أن روســـيا وحدها هي من يســـتعجل إنهاء الوجود العســـكري للفصائل المعارضة المســـلحة بمختلـــف انتماءاتهـــا، لأنها تســـتعجل تثبيـــت الانتصـــار وإتمـــام المهمـــة في ســـعيها الحثيث للحصول علـــى عوائد اســـتثمارها فـــي الحـــرب الســـورية من أموال إعادة الإعمار واستثمارات النفط والغـــاز والثروة المعدنيـــة وأموال عودة ّ المهجريـــن. إلا أنها تصطـــدم بمحاولات إيـــران والنظام وتركيا مـــن أجل تأخير الإعلان عن الحل ريثما يتم تقاسم الكعكة السورية بما يرضي هذه الأطراف، التي تراهن على ضعف الوجود الروسي على الأرض والاكتفاء بالغطاء الجوي.
وقال عضو هيئة التفاوض السورية الســـابق خالـــد المحاميد “مـــن المضحك والمؤســـف فـــي الوقت ذاتـــه أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يزال يهدد ويتوعد في ما يتعلق بوضع إدلب، وهو من شـــارك فـــي جلب المقاتلـــين الأجانب إلـــى ســـوريا، وهو من شـــارك في أغلب التســـويات والصفقات التي نقلت معظم معارضي النظام إلى المحرقة الراهنة”.
وأعـــرب المحاميـــد عـــن تعجبـــه من “اســـتمرار البعض في عقـــد الآمال على الـــدور التركي لإنقاذ مـــا تبقى من إدلب، ســـواء عبر تصفية هيئة تحرير الشـــام أو تحريـــك فصائل المعارضة الســـورية المواليـــة لها، وذلك رغـــم معرفة الجميع دور المحور القطري – التركي في تسليح وتمويل الهيئة وغيرهـــا من التنظيمات المتطرفة”.
وأوضـــح أن ”الأوســـاط الأمنيـــة التركية ترى ضرورة للاســـتثمار بورقة التنظيمـــات المتطرفة ما دام ذلك ممكنا… لقد تحول أغلبها إلـــى منظمات وظيفية لـــدى تركيـــا منـــذ ســـنوات، خاصة مع افتقادهـــا للحاضنـــة الشـــعبية جـــراء أســـاليبها القمعية… ففـــي إدلب وحدها، يوجـــد ما يقرب من ثلاثين ســـجنا لهيئة تحريـــر الشـــام… بالعموم يمكـــن لتركيا الاســـتفادة مـــن هؤلاء في شـــرق الفرات لاســـتنزاف الأكراد، أو فـــي ليبيا أو أي مكان بعيد عن أراضيها”.
وأقر مســـؤول المكتـــب الإعلامي فـــي هيئـــة التفاوض السورية إبراهيم الجباوي بأن المعارضة لم تتعلم الكثير من الدروس السابقة في ”التعويـــل والتعامـــل بالنوايا الحســـنة مـــع أطراف بعينها ســـبق أن خاب ظنها فيها“. وأشار الجباوي إلى أنه “بمقابل كل حملة عسكرية تلتهم فيها روسيا منطقة جديدة من مناطق خفض التصعيد، كانت تركيـــا تقبـــض الثمن، عاجـــلا أو آجلا، عبـــر عمليات عســـكرية ّ تؤمـــن حدودها ووجودها من الخطر الكردي”.
صحيفة العرب