يحقق الجسم تبريد درجة حرارته بوسيلة إفراز العرق؛ وذلك حفاظاً عليها ضمن النطاق الطبيعي كي يتمكن الجسم من الحياة، وتتمكن أجهزته وأعضاؤه من العمل بكفاءة. ويعتمد نجاح وفاعلية هذه الوسيلة العالية الأهمية على توفر عوامل داخلية في الجسم وعوامل خارجية في البيئة المحيطة به.
عوامل تبريد الجسم
ومن أهم العوامل الداخلية: توفر العدد الكافي من الغدد العرقية، وانتشار توزيعها بدقة في مناطق الجلد الأكثر عُرضة للبيئة المحيطة للجسم، وكفاءة عمل الجهاز العصبي المسيطر على ضمان إتمام عمليات إفراز العرق ومراقبة تغيرات حرارة الجسم، وتوافر السوائل فيه بشكل كافٍ. ومن أهم العوامل الخارجية درجة الرطوبة Humidity في الهواء المحيط بالجسم وتدفق الهواء من حوله؛ ذلك أن ارتفاع رطوبة الأجواء يُقلل من فرص تبخر العرق عن الجلد.
وفي فصل الصيف، ومع ارتفاع حرارة الأجواء، وسهولة حصول اضطرابات سريعة في حرارة الجسم عند القيام بأي مجهود بدني أو الوجود في أجواء عالية الحرارة خارج المنزل، تحصل زيادة في إفراز العرق، وقد يُرافق ذلك ملاحظة المرء تغيرات في رائحة جسمه.
وضمن عمليات المحافظة على استقرار «الاتزان الداخلي» Homeostasis للبيئة الداخلية في الجسم، تتم مراقبة درجة حرارته، التي هي عُرضة للارتفاع أو الانخفاض بفعل عوامل بيئية خارجية وعوامل أخرى داخل الجسم. وتصل المعلومات العصبية من «مستقبلات الحرارة» Thermoreceptors المنتشرة في الجلد واللسان وقرنية العين والمثانة، إلى «تيرموستات» مراقبة حرارة الجسم في قاع الدماغ، الذي بدوره يتعامل مع متطلبات أي تغيرات في حرارة الجسم عبر آليات عدة لإعادة ضبط حرارة الجسم Thermoregulation. ومن أهم تلك الآليات للتعامل مع ارتفاع حرارة الجسم، الذي هو من أقوى المهددات لسلامة حياة الجسم، تنشيط عمليات إفراز العرق عبر الغدد العرقية المنتشرة على الجلد.
وتؤدي عملية التعرق إلى انخفاض في درجة حرارة الجسم من خلال إنشاء «عملية التبريد التبخيري» Evaporative Cooling على سطح الجلد. ذلك أن تبخر الماء عن سطح الجلد يتطلب امتصاص حرارة من الجسم؛ ما يُؤدي إلى انخفاض حرارة الجلد وحرارة الدم في الأوعية الدموية بالجلد، وهذا الدم البارد يعود إلى القلب كي يتم ضخه إلى أرجاء الجسم كي يُسهم في خفض درجة حرارته. وصحيح أن ارتفاع حرارة الجسم ليس هو المحفز الوحيد لتنشيط عمليات إفراز العرق، بل هناك أيضاً الانفعال النفسي العاطفي، إلا أن تعرق التوتر والضغط النفسي يقتصر في الغالب على راحة اليدين والقدمين والإبطين والجبين.