إنشاء نحو 37 موقعا عسكريا في شمال العراق يوثق خطط تركية تتجاوز ملاحقة حزب العمال الكردستاني.
أصبحت الأطماع التركية في الأراضي العراقية موثّقة بخارطة نشرتها أنقرة، وتُظهر تمركز الجيش التركي وانتشاره في مناطق بشمال العراق بطريقة تشكّل حزاما أمنيا شبيها بذلك الذي أقامته تركيا داخل أراض سورية احتلّتها قواتها بذريعة محاصرة المقاتلين الأكراد، وترفض الانسحاب منها، بحجج واهية وبزعمهم هؤلاء خطر على الأمن القومي التركي.
واتخذت تركيا من نفس ذريعة المقاتلين الأكراد سببا لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق داخل الأراضي العراقية تحت مسمّى مخلب النمر، غير أنّ العملية التي تميّزت بالإضافة إلى القصف الجوي والمدفعي على القرى الآهلة بالسكان وبشنّ هجمات وعمليات إنزال لقوات برّية، بدأت تتجاوز بالواضح هدف ملاحقة مقاتلي حزب العمّال الكردستاني نحو تركيز نقاط تواجد عسكري في حوالي سبعة وثلاثين موقعا أظهرت الخارطة الجديدة التي نشرتها مايسمى مديرية الاتصالات بالرئاسة التركية مدى كثافتها واتصال الكثير منها ببعضها البعض وتشكيلها ما يشبه القوس داخل أراضي كردستان العراق، وتوغّل بعضها في مناطق بعيدة عن الحدود التركية.
وسبق لمصادر عراقية أن حذّرت من أنّ ملامح شريط أمني تركي بدأت تتشكّل في عمق الأراضي العراقية، متوقّعة عدم انسحاب تركيا من مناطق عملية مخلب النمر بالنظر إلى سوابق حكومة أردوغان في سوريا، وحتى في العراق حيث ترفض أنقرة منذ سنوات إخلاء مجموعة من القواعد العسكرية التي أنشأتها داخل الأراضي العراقية وأهمها قاعدة بعشيقة قرب الموصل.
وتستثمر أنقرة في انتهاكها لسيادة العراق حالة الضعف الشديد التي آل إليها البلد تحت حكم الأحزاب الشيعية التي حوّلت أراضيه إلى ساحة صراع إقليمي ودولي على النفوذ داخله.
ولا تخفي أنقرة رغبتها في منافسة كل من إيران والولايات المتّحدة على النفوذ داخل العراق والالتحاق بهما هناك حيث تسجّل كل منهما حضورها على أراضيه، سواء بشكل مباشر كما هي حال واشنطن التي تحتفظ بعدد محدود من القوات على الأراضي العراقية، أو بالوكالة كما هي حال طهران التي تدير في العراق العشرات من الميليشيات الشيعية التابعة لها.
وعلى هذه الخلفية لم تعر تركيا اهتماما لاحتجاج الحكومة العراقية على العملية العسكرية التركية وواصلت تنفيذها بشكل استعراضي هادف إلى فرض التدخّل في الأراضي العراقية كأمر واقع.
ولا يقتصر القلق من تبعات تصرّفات حكومة أردوغان تجاه جيران تركيا، على هؤلاء الجيران بل يمتدّ إلى الداخل التركي حيث ترى شخصيات معارضة أنّ سياسة أردوغان العدوانية تشكل خطرا على تركيا بحدّ ذاتها.
وتعليقا على نشر الرئاسة التركية للخارطة المنتهكة للسيادة العراقية حذّر النائب التركي المعارض أيتون تشيراي من خطورة هذه الخطوة قائلا إنّ “نشر خارطة مقسمة للعراق من شأنه أن يعطي شرعية لجهات رسمية في دول أخرى لنشر خرائط مماثلة لتركيا ذاتها”. واعتبر في تغريدة على حسابه في تويتر أنّ الخارطة “تتعارض مع موقف تركيا المعلن عن تمسكها بوحدة الأراضي العراقية”.
- العرب