مُحيط قرية الباغوز (سوريا) – أكدت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أنّ عمليات إجلاء المدنيين من آخر جيب يسيطر عليه تنظيم داعش الإرهابي قد تنتهي اليوم الخميس، وذلك تمهيدا لمهاجمة آخر مسلحي التنظيم المحاصرين في قرية الباغوز، شرقي سوريا قرب الحدود مع العراق، وهي آخر منطقة يسيطر عليها تنظيم داعش في منطقة وادي الفرات السوري.
وقد غادر أمس الأربعاء مئات الأشخاص من رجال ونساء وأطفال، آخر معاقل تنظيم “داعش” في شرق سوريا، في خطوة توحي بأن حسم قوات سوريا الديموقراطية للمعركة ضد مسلحي التنظيم باتت وشيكا.
وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية “حتى الآن الإرهابيون المتحصنون بالداخل ما زالوا يراهنون على الحسم العسكري”. وأضاف “قواتنا صرحت منذ البداية أنهم أمام أحد خيارين. إما الاستسلام دون قيد أو شرط أو أن تمضي المعركة إلى نهايتها”.
ويرى مراقبون لتطور الأوضاع في سوريا أن الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات ستدخل مرحلة جديدة، بعد السيطرة على هذه المنطقة، وسحب القوات الأميركية، ما قد يترك فراغا أمنيا تسعى قوى أخرى لشغله.
وغادر أكثر من 2000 مدني قرية الباغوز في قافلة شاحنات. وشوهدت طائرات التحالف تحلق في الأجواء بينما سمع دوي المعارك بشكل متقطع في المنطقة التي تحاصرها قوات سوريا الديمقراطية بشكل كامل.
وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إن “أشد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لا يزالون في الباغوز”.
والقرية الواقعة على الحدود العراقية هي آخر أرض يسيطر عليها التنظيم في منطقة وادي الفرات.
وقال بالي إن قوات سوريا الديمقراطية ليست متأكدة مما إذا كان بعض مقاتلي التنظيم قد غادروا الباغوز مع المدنيين، لكن قوات الأمن تفحص هوية كل من يغادرون.
وأضاف أنّ قوات سوريا الديمقراطية تعمل على إجلاء بعض المدنيين الباقين في الباغوز. وقال “لا نستطيع اقتحام الباغوز دون التأكد من إجلاء كامل المدنيين”.
وذكر شاهد من رويترز أن مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية انتظروا برفقة قوات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم عند موقع على مشارف الباغوز لاستجواب من يتم إجلاؤهم وتسجيل أسمائهم.
ولا يعتقد كثيرون بأن السيطرة على القرية ستنهي خطر التنظيم، إذ لا يزال بعض المقاتلين يتحصنون في صحراء وسط سوريا كما نجح التنظيم في شن هجمات على غرار حرب العصابات في المناطق التي انتهت سيطرته عليها.
غير أنها ستركز الاهتمام على تعهدات بسحب نحو 2000 جندي أميركي انتشروا في سوريا خلال قتال تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك على مصير المنطقة التي يديرها الأكراد والتي ساعد الوجود الأميركي في تأمينها.
وهددت تركيا مرارا بالتوغل في المنطقة لأنها تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود قوات سوريا الديمقراطية، منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا في تركيا منذ نحو ثلاثة عقود.
وفي مواجهة هذا الاحتمال، دعت وحدات حماية الشعب الحكومة السورية في ديسمبر إلى السيطرة على الجزء الواقع في أقصى غرب منطقتها قرب مدينة منبج، كما تسعى الوحدات إلى مفاوضات أوسع مع الحكومة بشأن المنطقة التي تسيطر عليها الجماعة.
ودعت قوات سوريا الديمقراطية يوم الاثنين إلى بقاء ما بين 1000 و1500 من القوات الدولية في سوريا لضمان الهزيمة التامة لتنظيم الدولة الإسلامية. وقال الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية إنه لا يزال ينفذ أمر الانسحاب.
ومن بين المدنيين الذين غادروا الباغوز في الأيام القليلة الماضية أسر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وبينهم بعض الأجانب الذين سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى التنظيم.
وشكت قوات سوريا الديمقراطية من إحجام الدول الغربية عن استعادة هؤلاء الأشخاص الذين ينظر إليهم في بلادهم على أنهم خطر أمني لكن قد يكون من الصعب محاكمتهم.
وجردت بريطانيا الأربعاء شابة تدعى شاميما بيجوم (19 عاما) من الجنسية بعدما سافرت في 2015 للانضمام إلى التنظيم.
وقال مسؤولون في قوات سوريا الديمقراطية ومسؤولون أميركيون إن وجود المدنيين في الباغوز، التي تعرضت لضربات جوية مجددا ليل الثلاثاء، يبطئ وتيرة تقدم القوات.
وأظهرت صور التقطتها رويترز جزءا من الجيب المتبقي لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث تجمع مقاتلون ومدنيون بين خيام وعربات متناثرة على أطراف القرية.